من أجلك أنت ( 1 )
استيقظت في السادسة
صباحاً كعادتي .. ارتديت ملابسي .. خرجت من بيتي دون حتى أن أغسل وجهي ..
سرت في الطريق .....
نظرت عن يميني فإذا بي أرى مدرسة .. ولكنها ليست كأي مدرسة
.. إنها مدرسة أثرية جدرانها أشبه بجدران المعابد الفرعونية .. فالجدران مرشومة كتابة ولا اجدعه معبد فرعوني!! .... وسور
المدرسة .. سور المدرسة محاط بـ الزبالة من
جميييع الجهات ..
هذا بالإضافة إلى أن المدرسة
عتيقة من أيام ستي عدلات!!!!
ونظرت عن شمالي فإذا بي أرى
مقهى بلدي .. مقهى بلدي مقابل للمدرسة .. وصوت أم كلثوم ينبعث من المقهى وكأن كروان يشدو .. وقتها تمنيت لو يرجع بي الزمن وتكون
مدرستي كهذه المدرسة .. فأستمع إلى أم كلثوم طوال الحصص .. وأيضاً أستطيع أن أنط من على سور المدرسة بكل سهولة حيث أن طوله لا
يتجاوز متراً واحداً..!!!
أكملت سيري والحيوانات
تلاحقني في كل مكان .. فلا يخلو شارع من حمار أو جاموسة أو أي من تلك الحيوانات
الأليفة التي تطربنا بنهيقها ونعيرها طول النهار والليل .. هذا بالإضافة إلى رائحة
المسك التي تخرج منها!!!!
وأثناء سيري وقعت عيني
على آلاف بل ملايين المشاهد العجيبة التي تميز بلدنا عن غيره .. ولكني كنت أحاول
ألا ألتفت لأي منها حتى أستطيع الوصول بسرررررعة إلى غرضي.......
وصلت أخيييييييييرا إلى مقر
المعركة!!! وقفت في الطابور أنتظر دوري .. وفجأة .. جاء رجل عينه معمصة ورائحة فمه كريهة .. فأدركت أنه زي حالاتي استيقظ من نومه وجاء مسرعاً دون أن يغسل
وجهه!!
جذبني الرجل من ملابسي وقال
لي: ده مكاني يا مدام الحكاية مش نقصاكي!
فنظرت إليه (من فوق لتحت) وقلت له: آنسة
من فضلك .!!!!
فرد: أنسة .. مدام ... كله محصل بعضه .... وبعدين مش شغلي المهم أنا
عايز اقف في مكاني وخلاص أنا جاي هنا من ساعة آذان الفجر....
فتركت له المكان ووقفت في
مكان آخر ......
وبينما أنا كذلك أنتظر الفرج
.. إذ بصوت يعلو: امشي يا ابن الـ.......... جتكوا القرف
.. ولا يعني علشان تعرفه؟؟؟ ايه البلد بنت الـ ........ دي!!!!!!!
وغمزت السيدة التي تقف أمامي
وسألتها عن سبب صراخ هذا الرجل بهذه الطريقة فأخبرتني أن رجلاً جاء واقتحم الصف
وأخذ المعلوم وانصرف دووووون ان يقف في الطابور
وهذا لأن صاحب المكان معرفة!!!
وبعد طابور
طويييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل
ومعارك دامية جاء دوري!!
- عايزة باتنين
جنيه عيش يا اخينا!
- اتنين جنيه
يا ولاد الـ.......... احنا هنهزر ولا ايه؟؟؟ هو جنيه واحد مفيش غيره!!!!
ثم أحضر لي الأرغفة وانطلقت
مسرعة حتى أستطيع أن أتناول فطوري قبل صلاة الظهر!!!
وطول طريقي أقابل أناساً
ينظرون إليّ بتعجب ويقولون: انتي ازاي عرفتي تجيبي عيش؟؟
.. ده احنا بنقف في الطابور لحد العصرية ومش بنلاقي لقمة حتى!!
وكان الكل يرمقني بنظرات
كلها حقد وغل .. فاشتريت كيساً أسوداً وخبأت فيه الأرغفة بسرعة خوفاً عليها من
الحسد!!!
وصلت إلى بيتي بعد أن اشتريت الطعمية من عند خالتي سعاد
قليّة ملكة الطعمية ..
أحضرت طبقاً ووضعت فيه
الطعمية وبدأت في الأكل .. ومع أول لقمة وجدت فمي قد امتلأ بـ الزلط فنظرت مندهشة إلى الطعام ودققت النظر .. فوجدت
رغيف العيش ممتلئاً .. إشي حصو وإشي زلط وإشي فتافيت ورق ........ فكرت في إلقاء
العيش في الزبالة ولكني عدت وقلت لنفسي: طيب وايه يعني؟ ده المصريين بياكلوا الزلط .. وبعدين أكلة تفوت
ولا حد يموت!!!!!!!
وأمسكت بورقة الجرنال التي
كانت تلف الطعمية فوجدت شعار الحزب الوطني: من أجلك
أنت!
وكنت في حيرة شديدة .. تُرى
.. من أنت هذا الذي يتحدثون عنه؟!!!
أهو صاحب واسطة .. أم ذو قرابة
.. أم أنه من المؤيدين للحزب الوطني؟؟؟
ثم طردت هذه الأفكار سريعاً
من عقلي وقلت:وأنا مالي ما يكون اللي يكونه .. انا ايش
حشرني في السياسة .. يلا ربنا يزيد ويبارك يا سي أنت!!!
وبعد أن انتهيت من فطوري خرجت
من بيتي وانطلقت لأنهي بعض الأوراق الرسمية الخاصة بي .. وعندما وصلت كدت أن أُجَن
.. يااااااا دي المصيبة .. طابور تاني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ولكني استسلمت للأمر الواقع
ووقفت في الطابور .. ونظرت عن يميني فوجدت موظفاً جالساً على مكتبه بيحل كلمات متقاطعة .. وعن شمالي موظفة بتقمع بامية وورائي موظفة أخرى تتحدث في الهاتف:
-
ايوة يا ام ابراهيم معاكي ... الا بقول لك
ايه هي الطماطم بكام النهارده؟؟
-
..........................
-
ايه ده يا اخواتي دي كانت لسة السوق اللي فات
باتنين جنيه .. صدق اللي قال مجنونة يا قوطة!! .. طيب نرجع لموضوعنا .. بتقولي ابو
ابراهيم سابلك البيت ليه؟
-
............................
-
بس انتي اللي غلطانة .. انتي لو كنتي عوّدتيه
من الأول ان شغل البيت بالنص وانك مش خدامة عنده مكانش عمل كده!
-
............................
-
صحيح رجالة مش لاقية اللي يلمها!!! اه من حق سمعت
ان البت عفاف اتخطبت
-
............................
-
والعريس بقى بيشتغل ايه؟
-
............................
-
بس اوعي تنسي .. لازم تطلبي شبكة محترمة ..
والعفش .. انتريه وسفرة واوضة نوم ... والشقة .. لازم تبقى 4 اوض .. اصل خدي بالك
الر....................................
وفجأة سمعت صوتاً: ايوة يا مدام عايزة ايه؟؟
فنظرت أمامي فإذا بي وصلت
أخيييييييرا إلى الموظف .. فقلت له: آنسة من فضلك!!
فنفخ نفخة كدت أطير على
إثرها ثم قال:
-
خلاص حقك عليا .. يا آنسة .. عايزة ايه يا
آنسة؟؟؟؟؟ خلصيني بقى علشان مش فاضي
-
لو سمحت كنت عايزة اختم الورقة دي
-
معاكي البطاقة؟
-
ايوة .. اتفضل
-
طيب وشهادة الميلاد؟
-
لا حضرتك المرة اللي فاتت طلبت مني البطاقة
بس
-
انتي هتعرفيني شغلي ولا ايه؟؟؟ بقول عايز
شهادة الميلاد .. الورقة دي مش هتتختم الا بشهادة الميلاد .. يلا .. هي رزالة بقى!
-
يا استاذ اصـ...........
-
يلا اللي بعده
عدت إلى البيت خائبة الأمل
.. وبدأت أتمتم بعبارات سريعة لا يُفهَم معناها .. وبداخلي أحاسيس متضاربة ما بين
السخط على حال البلد واللعن للطوابير واللي اخترعوها واليأس
والإحباط ... وبينما أنا كذلك إذ بأختي تدخل عليّ وتنظر وكأنها لقت لقية ثم قالت: كويس انك
جيتي .. تعالي معايا بقى علشان اعمل البطاقة ...
ذهبت معها .. وكانت تحدثني
طول الطريق عن سعادتها الشديدة لأنها أتمت السادسة عشرة وأخيرا ستقوم بعمل بطاقة وهتتحسب فرد على الدولة ... وكنت أنا سارحة في مشاكلي
لا أسمع من حديثها الا عبارات سريعة في مواضيع مختلفة .. ولكني لم أرد على أي منها
...
ثم قالت: احنا بعد ما
نعمل البطاقة نروح نشتري شوية هدوم وبعدين نعدي بالمرة على عمتك نفيسة وبعد كده
نروح نلحق نتغدى قبل العصر
فنظرت اليها بابتسامة كلها
يأس وقلت في نفسي:قبل العصر اه .. ابقي قابليني!
وعندما وصلنا وجدنا طااااااااااابور طوييييل عرييييض ........
نظرت اختي باستغراب وقالت: ايه ده .. احنا لسة هنستنى كل ده؟؟ ده احنا كده مش هنعمل
البطاقة النهارده ..
فقلت لها: قصدك مش هنعملها السنة دي!
ووجدنا رجلا يخترق الطابور
هو وابنه ثم غاب دقائق وخرج ومعه البطاقة
فقالت لي: طيب ما تيجي ندخل زي الراجل ده!
فتدخلت سيدة في الحوار دون
سابق انذار وقالت لأختي: انتي طيبة اوي يا بنتي..
ثم قالت لي:اصل الراجل ده معـ............
فقاطعتها:عارفة ..
اكمل بقية المقال فى قسم مقالات
|