حُب مصر ليس بصناعة أكبر علم، ولا بدخول موسوعة جينيس، ولا برفع الأعلام
أو حتى بالهتاف " أووو مصراوي" ، فعندما تثار لدرجة تجعلك تقوم بفعل
الغثيان، وتتعدي مجرد الإحساس به، ذلك ما يمكن أن أصف به ما أنا عليه الآن
، فعلي الرغم من مرور ما يزيد عن الأسبوعين علي أحداث مباراة مصر"
الغالية" والجزائر " الشقيقة" ، إلا أن هناك من يصر علي المزايدة وبث روح
الحقد والكره و الضغينة بين الشعبين، وياليتها توقفت عند الإعلاميين "
المضروبين" فقط، ولكنها باتت بمثابة الحمى التي أصابت الجميع شباب وكبار
ونساء وأطفال، الجميع استمع لصوت قلبه وأغلق الأبواب أمام عقله .
وأنا
واحد ممن أخذتهم موجة الانتقادات الحادة ضد الجزائر، ولمدة يومين أو ثلاثة
أو قل أسبوعاً بعد المباراة إن شئت، وبما أن من الواجب الاعتذار فقد
اعتذرت بالفعل عما بدر مني سواء بكتابة ( أستاتيوس ) مسيء للجزائر علي
صفحات الفيس بوك، أو في حوار بيني وبين أحد العقلاء .
وما يحدث
الآن كتبعات للمباراة، وكيف أنها أظهرت روح الوطنية لدي الشباب،
واستعدادهم لفداء مصر بدمائهم وأرواحهم، ليس من أجل عيون "بهية"، ولكن من
اجل الانتقام بدعوي التعبير عن حب مصر، من أجل شحن معنوي عالي التركيز سبق
وتكلم في تلك النقطة كبار كتابنا " المحترمين" والذين غربلتهم الأزمة من
وسط مئات المختبئين وراء عباءة الاحترام والاستقلالية ، وها نحن الآن بصدد
مشكلة من أكبر المشاكل التي من الممكن أن تقابلها يوماً ؛ وهي الاختزال
... !
فكما اُختزلت القضية الفلسطينية في غزة والاكتفاء بالمطالبة
بعدم تدنيس المسجد الأقصى، والذي اختزله الإعلام بدوره في مسجد قبة
الصخرة، وبالطبع فقد استهلك ذلك المخطط الكثير من الوقت والقليل من الجهد؛
نظراً لجهوزيتنا التامة لتقبل ذلك الوضع، لجهلنا ولعدم الوعي الكافي
ولكثير من المعوقات الداخلية الأخرى، والآن يحاولون ( من هم لا أعرف!!)
اختزال مصر في قطعة من القماش وهي العلم المصري الذي يعبر عن جميع
المصريين ويتكاتف حوله 80 مليون لحمايته .
وبما أن تلك المقالة
ليست بالتفاؤلية فيحق القول بأن كثير من شباب مصر " ضايع " وغارق في
الأوهام، فهو الآن يريد إثبات حبه لمصر والتعبير عنه بأي من الوسائل
المتاحة، فقرر الشاب الشهم الشجاع الخدوم ابن البلد، أن يدخل موسوعة جينيس
بصناعة أكبر علم مصري، وتم وضع الخطط وتدشين المواقع والمجموعات التي
تدعوك للتبرع ولو بمتر قماش من أجل المشاركة في تلك المهمة الوطنية
المستحيلة، فقط ينقصها نزول الممثل العالمي توم كروز، من إحدى الطائرات
بأساليبه الخيالية، ليعطيهم 3 متر قماش بما أن ربنا "مقدره" .. ورجل أعمال
يروح عامل يافطة كبيرة أوي مرسوم عليها علم مصر، ويحط اسم شركاته عليه،
ومن يطوف بالإعلانات المتحركة في الشوارع، بدعوي حب مصر، فإن كان هناك
غريب عن البلد، فسيشعر أن فلوسنا كتير، وبندفعها في الإعلانات، مع أن اللى
اتصرف كان كفيل بأنه يعمل عمارتين تلاتة للناس الغلابة اللى مش لاقين
يأكلوا ولا يتجوزوا ولا يعملوا أي حاجة في الدنيا، هما برده دول مش حتة من
مصر .. !!!
إحساس جميل فعلاً إنك تكون عايز تعمل أي حاجة، علشان
تثبت إنك قادر أو إنك بتحب بلدك بجد، ولكن ما يحدث يذكرني بمن تربطه علاقة
حب مع إحدي الفتيات وكامتداد طبيعي للحب بين طرفين هو أن يكلل بالزواج،
ولكنه يصر علي أن الحب أفضل بكثير من الزواج .. !! ، ذلك هو حال أي شاب
منهم، " أحب مصر في الهيافة آه .. أعبر عن حبي بسلوك مفيد لأ " ، بالرغم
من أن السلوك هو عنوان الإنسان والمعبر عن ثقافته ووعيه ومدى استيعابه
للأمور.
يتحدثون عن كرامة المصريين، وأن المصريين هم أسياد العالم،
وكلام من الآخر ما يأكلش عيش حاف، فبإمكانك يا من تخاف علي كرامة
المصريين، أن لا تلقي بالمهملات علي الأرض، فمن الممكن أن يراها سائح عابر
وتتبهدل كرامة مصر .. الزبالة اللي بالأكوام في الشوارع بعد أن أعلنت
شركات النظافة استغنائها واعتزال المهنة أو الإضراب عنها .. أو دعنا نفرط
في التخيل ونتصور ماذا سيحدث لو قمت بمحو أمية عدد من المواطنين، وماذا
سيترتب علي قيامك بعملك بطريقة مرضية ومتقنة ؟؟ ... تلك الأمور جميعها بل
والمئات غيرها تصب في كرامة مصر والمصريين، فالغرب لم يصرخ في وجوهنا
قائلاً " والله يا عالم أنا عندي كرامة"، فمن خلال سلوك الفرد في المجتمع
الغربي أستطاع أن يخلق لنفسه كرامة يستحقها، كم منا بعد عودته من أي دولة
أوروبية أو أمريكية قال " احنا بينا وبينهم ما لايقل عن 200 سنة " ، لأن
مواطنيها أجبروك علي أن تعترف بذلك، ويعود ذلك إلي شباب أحبوا وطنهم
بطريقة جدية وعملية ومفيدة لأنفسهم ولوطنهم فلم ينتهجوا نظرية الحب
(البوؤيئي)، ولكن حبهم كان مترجما في أفعال وتصرفات.
وكما أن الثقافة سلوك .. فأن الحب سلوك والفداء سلوك وبلوغ الهدف يكون عن طريق السلوك ... ولذلك فدعونا نحب مصر من خلال سلوكياتنا.
الثقافة سلوك .. فأن الحب سلوك والفداء سلوك وبلوغ الهدف يكون عن طريق السلوك ... ولذلك فدعونا نحب مصر من خلال سلوكياتنا. حقيقي كلام حلو جدا يارب نقدر ننفذه