استيقظت في السادسة
صباحاً كعادتي .. ارتديت ملابسي .. خرجت من بيتي دون حتى أن أغسل وجهي ..
سرت في الطريق .....
نظرت عن يميني فإذا بي أرى مدرسة .. ولكنها ليست كأي مدرسة
.. إنها مدرسة أثرية جدرانها أشبه بجدران المعابد الفرعونية .. فالجدران مرشومة كتابة ولا اجدعه معبد فرعوني!! .... وسور
المدرسة .. سور المدرسة محاط بـ الزبالة من
جميييع الجهات ..
هذا بالإضافة إلى أن المدرسة
عتيقة من أيام ستي عدلات!!!!
ونظرت عن شمالي فإذا بي أرى
مقهى بلدي .. مقهى بلدي مقابل للمدرسة .. وصوت أم كلثوم ينبعث من المقهى وكأن كروان يشدو .. وقتها تمنيت لو يرجع بي الزمن وتكون
مدرستي كهذه المدرسة .. فأستمع إلى أم كلثوم طوال الحصص .. وأيضاً أستطيع أن أنط من على سور المدرسة بكل سهولة حيث أن طوله لا
يتجاوز متراً واحداً..!!!
أكملت سيري والحيوانات
تلاحقني في كل مكان .. فلا يخلو شارع من حمار أو جاموسة أو أي من تلك الحيوانات
الأليفة التي تطربنا بنهيقها ونعيرها طول النهار والليل .. هذا بالإضافة إلى رائحة
المسك التي تخرج منها!!!!
وأثناء سيري وقعت عيني
على آلاف بل ملايين المشاهد العجيبة التي تميز بلدنا عن غيره .. ولكني كنت أحاول
ألا ألتفت لأي منها حتى أستطيع الوصول بسرررررعة إلى غرضي.......
وصلت أخيييييييييرا إلى مقر
المعركة!!! وقفت في الطابور أنتظر دوري .. وفجأة .. جاء رجل عينه معمصة ورائحة فمه كريهة .. فأدركت أنه زي حالاتي استيقظ من نومه وجاء مسرعاً دون أن يغسل
وجهه!!
جذبني الرجل من ملابسي وقال
لي: ده مكاني يا مدام الحكاية مش نقصاكي!
فنظرت إليه (من فوق لتحت) وقلت له: آنسة
من فضلك .!!!!
فرد: أنسة .. مدام ... كله محصل بعضه .... وبعدين مش شغلي المهم أنا
عايز اقف في مكاني وخلاص أنا جاي هنا من ساعة آذان الفجر....
فتركت له المكان ووقفت في
مكان آخر ......
وبينما أنا كذلك أنتظر الفرج
.. إذ بصوت يعلو: امشي يا ابن الـ.......... جتكوا القرف
.. ولا يعني علشان تعرفه؟؟؟ ايه البلد بنت الـ ........ دي!!!!!!!
وغمزت السيدة التي تقف أمامي
وسألتها عن سبب صراخ هذا الرجل بهذه الطريقة فأخبرتني أن رجلاً جاء واقتحم الصف
وأخذ المعلوم وانصرف دووووون ان يقف في الطابور
وهذا لأن صاحب المكان معرفة!!!
وبعد طابور
طويييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييييل
ومعارك دامية جاء دوري!!
- عايزة باتنين
جنيه عيش يا اخينا!
- اتنين جنيه
يا ولاد الـ.......... احنا هنهزر ولا ايه؟؟؟ هو جنيه واحد مفيش غيره!!!!
ثم أحضر لي الأرغفة وانطلقت
مسرعة حتى أستطيع أن أتناول فطوري قبل صلاة الظهر!!!
وكان الكل يرمقني بنظرات
كلها حقد وغل .. فاشتريت كيساً أسوداً وخبأت فيه الأرغفة بسرعة خوفاً عليها من
الحسد!!!
وصلت إلى بيتي بعد أن اشتريت الطعمية من عند خالتي سعاد
قليّة ملكة الطعمية ..
أحضرت طبقاً ووضعت فيه
الطعمية وبدأت في الأكل .. ومع أول لقمة وجدت فمي قد امتلأ بـ الزلط فنظرت مندهشة إلى الطعام ودققت النظر .. فوجدت
رغيف العيش ممتلئاً .. إشي حصو وإشي زلط وإشي فتافيت ورق ........ فكرت في إلقاء
العيش في الزبالة ولكني عدت وقلت لنفسي: طيب وايه يعني؟ ده المصريين بياكلوا الزلط .. وبعدين أكلة تفوت
ولا حد يموت!!!!!!!
وأمسكت بورقة الجرنال التي
كانت تلف الطعمية فوجدت شعار الحزب الوطني: من أجلك
أنت!
وكنت في حيرة شديدة .. تُرى
.. من أنت هذا الذي يتحدثون عنه؟!!!
أهو صاحب واسطة .. أم ذو قرابة
.. أم أنه من المؤيدين للحزب الوطني؟؟؟
ثم طردت هذه الأفكار سريعاً
من عقلي وقلت:وأنا مالي ما يكون اللي يكونه .. انا ايش
حشرني في السياسة .. يلا ربنا يزيد ويبارك يا سي أنت!!!
وبعد أن انتهيت من فطوري خرجت
من بيتي وانطلقت لأنهي بعض الأوراق الرسمية الخاصة بي .. وعندما وصلت كدت أن أُجَن
.. يااااااا دي المصيبة .. طابور تاني؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
ولكني استسلمت للأمر الواقع
ووقفت في الطابور .. ونظرت عن يميني فوجدت موظفاً جالساً على مكتبه بيحل كلمات متقاطعة .. وعن شمالي موظفة بتقمع بامية وورائي موظفة أخرى تتحدث في الهاتف:
-ايوة يا ام ابراهيم معاكي ... الا بقول لك
ايه هي الطماطم بكام النهارده؟؟
-..........................
-ايه ده يا اخواتي دي كانت لسة السوق اللي فات
باتنين جنيه .. صدق اللي قال مجنونة يا قوطة!! .. طيب نرجع لموضوعنا .. بتقولي ابو
ابراهيم سابلك البيت ليه؟
-............................
-بس انتي اللي غلطانة .. انتي لو كنتي عوّدتيه
من الأول ان شغل البيت بالنص وانك مش خدامة عنده مكانش عمل كده!
-............................
-صحيح رجالة مش لاقية اللي يلمها!!! اه من حق سمعت
ان البت عفاف اتخطبت
فنظرت أمامي فإذا بي وصلت
أخيييييييرا إلى الموظف .. فقلت له: آنسة من فضلك!!
فنفخ نفخة كدت أطير على
إثرها ثم قال:
-خلاص حقك عليا .. يا آنسة .. عايزة ايه يا
آنسة؟؟؟؟؟ خلصيني بقى علشان مش فاضي
-لو سمحت كنت عايزة اختم الورقة دي
-معاكي البطاقة؟
-ايوة .. اتفضل
-طيب وشهادة الميلاد؟
-لا حضرتك المرة اللي فاتت طلبت مني البطاقة
بس
-انتي هتعرفيني شغلي ولا ايه؟؟؟ بقول عايز
شهادة الميلاد .. الورقة دي مش هتتختم الا بشهادة الميلاد .. يلا .. هي رزالة بقى!
-يا استاذ اصـ...........
-يلا اللي بعده
عدت إلى البيت خائبة الأمل
.. وبدأت أتمتم بعبارات سريعة لا يُفهَم معناها .. وبداخلي أحاسيس متضاربة ما بين
السخط على حال البلد واللعن للطوابير واللي اخترعوها واليأس
والإحباط ... وبينما أنا كذلك إذ بأختي تدخل عليّ وتنظر وكأنها لقت لقية ثم قالت: كويس انك
جيتي .. تعالي معايا بقى علشان اعمل البطاقة ...
ذهبت معها .. وكانت تحدثني
طول الطريق عن سعادتها الشديدة لأنها أتمت السادسة عشرة وأخيرا ستقوم بعمل بطاقة وهتتحسب فرد على الدولة ... وكنت أنا سارحة في مشاكلي
لا أسمع من حديثها الا عبارات سريعة في مواضيع مختلفة .. ولكني لم أرد على أي منها
...
ثم قالت: احنا بعد ما
نعمل البطاقة نروح نشتري شوية هدوم وبعدين نعدي بالمرة على عمتك نفيسة وبعد كده
نروح نلحق نتغدى قبل العصر
فنظرت اليها بابتسامة كلها
يأس وقلت في نفسي:قبل العصر اه .. ابقي قابليني!
وعندما وصلنا وجدنا طااااااااااابور طوييييل عرييييض ........
نظرت اختي باستغراب وقالت: ايه ده .. احنا لسة هنستنى كل ده؟؟ ده احنا كده مش هنعمل
البطاقة النهارده ..
فقلت لها: قصدك مش هنعملها السنة دي!
ووجدنا رجلا يخترق الطابور
هو وابنه ثم غاب دقائق وخرج ومعه البطاقة
فقالت لي: طيب ما تيجي ندخل زي الراجل ده!
فتدخلت سيدة في الحوار دون
سابق انذار وقالت لأختي: انتي طيبة اوي يا بنتي..
ثم قالت لي:اصل الراجل ده معـ............
فقاطعتها:عارفة .. معاه واسطة
وبدأت السيدة في سرد
حكايتها:
انا يا بنتي
واقفة هنا من صباحية ربنا .. عايزة اعمل بطاقة لبنتي .. والطابور مش راضي يخلص ..
وجيت هنا قبل كده كتير .. كل شوية يقولولي ور......
قاطعتها ثانية:ورق ناقص
تابعت:مش عارفة بس اعمل لهم ايه .. انا تعبت والله يا بنتي ......
ثم دخلت في حكاية ثانية:
- ده انا حتى
امبارح رحت اصرف معاش جوزي الف رحمة ونور عليه .. اترحَّمي يا اختي اترحّمي..
-(بضيق)الله يرحمه يا حاجة
- وبعدين يا اختي
آل ايه .... لازم شهادة الوفاة والبطاقة وقسيمة الجواز وحاجات كتير كده .. وقعدت
اتحايل على الراجل واترجاه .. والراجل يا اختي ولا كأنه سامعني وقام قايل
الـ.........
- اللي بعده ..
قال اللي بعده
- الله يرحمك يا
ابو محمد .. اترحّمي يا اختي اترحّمي
- (بغيظ) الله يرحمه
- وهو جاب اجله
غير كده؟؟ كان كل شوية واقف في طابور ورايح وجاي .. كان تعبان اخر تعب .. وهو ده
يا اختي اللي جابله الكافية .. اترحّمي يا اختـ...........
- (بصوت مرتفع) بقول لك ايه يا ست انتي .. انا
مش نقصاكي .. انا خلاص روحي بقت في مناخيري .. حطي لسانك جوه بقك وخلّي اليوم اللي
ما يعلم بيه الا ربنا ده يعدي على خير
نظرت اليّ ( من فوق لتحت) ثم قالت: ايه
يا اختي الناس دي
ثم غمزت سيدة أخرى وكأن
شيئاً لم يحدث وقالت لها : جوزي بقى كان بيشتغل
مـ..............
حاولت تهدئة نفسي وتجاهلت
تلك السيدة ونظرت إلى الطابور ثم صحت (بفرح):
الطابور خلص ..
مش فاضل غير عشرة .. ياما انت كريم يارب
وهنا كانت الصاعقة ... خرج
الموظف ممسكاً بالقفل وهمّ بقفل الباب وهو يقول:يلا يا
جماعة يلا فوتوا علينا بكرة!!!!!!!!!!!!!!!!!
فانصرفت وانا اصرخ: طوابير طوابير ايه العالم دي؟ حاجة تخنق .. كل مكان طابور .. واقفي
في مكانك يا مدام .. واللي بعده .. وفوت علينا بكرة يا سيد .. يخرب بيت الطوابير ع
اللي اخترعوا الطوابير ع اللي بيقفوا في الطوابير!!!!!!!!!!!!!!!!!
ياه دا انتو فى الملكية عايشين فى طوابيرررررررررررر ملهاش لزمة ونزود على طوابيرالملكية طوابير الجيش طابور التمام طابور الهتاف طابور ثبات ولسة كتتتتتير مشكووووووووووورة يا جنة شكرررررررررراااااااااااااااااا