-ramadan%20(44).jpg عاوزة فانوس
ترتب الملابس التي غسلت لتضعها في رفوف داخل الدولاب،و تأخذ الأخرى التي تحتاج إلى الكي وتضعها على المنضدة المعدة لذلك..تلعب ابنتها سلمى إلي جوارها...تستمع إلى إذاعة الشرق الأوسط التي تفضلها وهى تقوم بشئون البيت..يصل إلي مسامعها الآن أغنية (رمضان جانا وفرحنا به أهلا رمضان).للمطرب الراحل عبد المطلب..تشعر بسعادة لقرب هذا الشهر الكريم فلم يبق علي قدومه سوى يومين..تفكر في إحضار فانوس لصغيرتها..ستخبر زوجها بذلك..سيكون فانوسا من الفوانيس التي تصدر ألحانا وأغاني يلهو معها الأطفال..لكنها هي نفسها تحب الفوانيس القديمة.. ابتسمت عندما تذكرت أول مرة طلبت من زوجها فانوسا وهما في فترة الخطبة منذ أربع سنوات..واستجاب لطلبها وفى اليوم التالي أحضر لها فانوسا،لكنه كان كبير الحجم جدا..فاضطرت أن تضعه في الشرفة،وكانت تتمناه فانوسا صغيرا يضاء بشمعه واحده لتستمتع بإضاءته الخافتة في غرفة نومها.. زادت ابتسامتها وهى تقرر بداخلها أنها ستطلب من زوجها أن يحضر لها فانوسا صغيرا هي الأخرى..تتخيل زوجها وهو يضحك من طلبها هذا ...بقى على موعد حضوره حوالي الساعة،فتوجهت إلى المطبخ ..وسلمي إلي جوارها تحت قدميها تلعب وتلهو..بدأت في غسل خضار طبق السلاطة الذي يحبه زوجها..تسعد بحبه لها وبحبها له..لكن ما يعكر صفو ذلك الحب أحيانا كثيرة هو عصبية زوجها رغم أنه طيب القلب..مما يجعلها تشعر أنه لا يرعى ذلك الحب عندما يستسلم لعصبيته هذه...استبعدت ذلك الخاطر وحصرت تفكيرها في الفانوس الصغير الذي تريده..مضى الوقت وانقضت الساعة وجلست هي وابنتها تنتظران الزوج والأب الحبيب.. وبالفعل سمعت صوت المفتاح وبعد جرس سريع مصاحب لذلك دخل الزوج..أسرعت إليه ومعها سلمى مرحبة وبادرته: كويس جيت في ميعادك والأكل سخن ..لكنه لم يجبها..وجاءت قبلته لسلمى فاترة ولا يصاحبها ذلك الترحاب الشديد بابنته وقرة عينه التي يأخذها ويرفعها في الهواء عدة مرات ويقضى في ذلك دقائق طويلة..تركهما واتجه ليجلس على كرسي الأنتريه..تعجبت هي.. سألته:ما بك؟ أجاب لاشيء.. قالت كيف؟..هناك بالضرورة ما يغضبك. بعد لحظات سكت فيها أجابها :لقد خسر أخي تلك النقود التي أقرضتها له لينفذ مشروعه،وهو حزين من أجل ذلك.. سكتت هي الأخرى لحظات ثم قالت في استياء:لا أدرى ماذا أقول ..نظر إليها واشتاط غضبا وصاح:ماذا تقصدين؟!أنني أخطأت لأنني أقرضته هذا المال،لأنه لا يحسن إدارة المشروعات..أليس كذلك؟أنا أعرف رأيك في هذا مسبقا ،وأعرف أنك لم توافقي على إقراضي له هذا المال..لكن لا دخل لكي في شيء..لا تتحدثي بعد ذلك في أي أمر يخص أسرتي..ابعدي عنى..لا أريد أن أراك أو أسمع صوتك!! فوجئت بثورته تلك..صدمت من كلماته هذه..لم تنطق بكلمة..لا تستطيع..غلبه البكاء..تركته وهرولت إلى غرفة نومها..أخذت تبكى وتبكي بشدة..تتساءل :ما هذا؟ ماذا يحدث؟كيف يفكر بهذه الطريقة؟كيف يعود إلى الثورة والعصبية من جديد ليطيح بكل شيء؟! كيف يحملني خطأ أخيه وفشله لمجرد أن صدق رأيي في أنه لا يجيد إدارة المشروعات..كيف يتعامل معي وكأنني شخص بعيد عنه وهو يدعى دوما أنني حبيبته ورفيقة دربه..سيظل هكذا يطيح بكل شيء ألا يرى حبي له ولعائلته؟! ألا يتذكر لي كيف وقفت في صف أخته عندما رفض هو وأخوه أن يعطياها ميراثها بعد زواجها،وكان موقفهما هذا استسلاما لعصبية صعيدية تدعى أن ميراث البنت سيذهب إلى رجل غريب ألا وهو الزوج؟! ألا يتذكر لي كيف ظللت إلى جواره أذكره بحكم ديننا في الميراث،وكيف –وهو الرجل المتدين الذي يعرف ربه- لا يصح أن يغلب عنده عصبية عرف على أمر شرعي ،حتى هداه الله وأعطاها حقها؟!وهذا رغم إساءة أخته هذه لي منذ زواجنا وبشكل يلاحظه هو. أينسي لي إكرامي الدائم لوالدته وحبي واحترامي لكل رغباتها كلما أتت إلينا،وكيف أحبتني لما تراه وتشعر به من حسن معاملتي؟!رغم أنها كانت دوما تتعامل معي كحماه،هل يعتقد أن سلوكي هذا معه ومع أسرته أمر مجبرة عليه؟! ألا يرى كيف تتصرف الكثيرات من النساء لمجرد أن يريحن أنفسهن؟! أينسي كل ذلك لمجرد أنه غاضب وحزين من أجل أخيه؟!لا يريد أن يراني أو يسمع صوتي....لا....فهذا ليس عدلا....لماذا يعتقد الرجال ذلك أين عقولهم؟! أين حسن فهمهم لإسلامهم؟هل يجب أن تتحمل الزوجة كل نوبات غضب زوجها الصبيانية،وبعد تحملها هذا لا يقدر لها شيء؟!! ....رباه هذا ليس عدلا من الرجال.... وأخذت تردد بداخلها العبارة الإنجليزية (it's un fair)
ورغم حبها للغة العربية إلا أن هذه العبارة وباللغة الإنجليزية ظلت تتردد بداخلها مرات متتالية..مرت ساعة وأثناء ذلك فكرت في أن تغادر البيت..فهذه المرة مختلفة عن سابقاتها فقد أجحفها حقها.ونسى لها حبها واهتمامها بشئون أهله..ترى أنه يجب أن يشعر بما فعل معها..أخذت تعد حقيبتها وتجمع ملابسها هي وسلمي ..لن يثنيها شيء عما عزمت عليه ستذهب إلى بيت أبيها هذا هو ما تريده الآن..ويريده هو أيضا. وفى هذه الأثناء دخل زوجها الغرفة وفوجئ بما تفعل ..لم يقل شيئا ..يمنعه كبريا}ه..لكنها قرأت في عينيه تعجبه ورغبته في ألا تغادر.. خرج من الغرفة..عاد ليجلس على نفس الكرسي..غاضبا مما يحدث..لم يقصد إيذاء مشاعرها..ألا تتحمل ضيقه من أجل أخيه ومن أجل المال الذي خسره؟ألا تتحمل فقدانه لأعصابه لذلك؟..لا يريدها أن تغادر،فهو طوال حياته يكره أن تترك الزوجة بيتها تحت أي ظرف ..فلتخاصمني(يحدث نفسه) ..أو حتى فلتخرج وتتشاجر..لكن لا تترك البيت.
يعرف نفسه..سيمنعه كبريا}ة ونشأته أن يذهب إلى بيت أبيها طالما خرجت هي بإرادتها..ربما يكون ذلك شعورا خاطئا لكن هذا ما تربى عليه..لكنه يحبها ولا يريد فقدها..ليتها تدرك ذلك..ليتها لا تطلب أن تغادر..رباه ليتها لا تطلب. في خلال هذا الوقت انتهت من غلق حقيبتها وتبديل ثياب طفلتها..مازالت دموعها تسيل..يصل لمسامعها صوت أطفال الجيران يلهون بالفوانيس..بكت من جديد..عاتبت زوجها في عقلها وقلبها..أيصدر منه ذلك ونحن نستقبل شهر رمضان الحبيب.؟لقد كنت سأطلب منك أن تحضر ..فانوسا.. شيء غريب ..فما زالت بداخلها رغبة شديدة في أن تطلب منه الفانوس...تذكرها نفسها بما حدث... تراجعها أفيقي...يجب أن تغادري ..يجب أن يعرف خطأه..لا تتهاوني في أن يعرف قدرك.ألم يطلب هو أن تبعدي عنه؟. تجيب نفسها :لكنه لا يقصد وأنا أعرف..وتلك الفكرة الطفولية لازالت تلح عليها ..مازالت تريد منه أن يحضر لها فانوسا..ولكن إن فعلت فكيف سيفهم طلبها هذا..والآن؟ هل سيفهم أنه زوجها وحبيبها وأنها لا تريد أن تفارقه،ولكن كيف وإساءته اليوم كانت شديدة..ظلت تفكر..تركت الحقيبة..ذهبت إليه تمسح دموعها..تنظر إليه في صمت..تتمنى أن يدرك خطأه..ينتظر هو ما ستنطق به..يتمنى ألا تطلب ما ستطلبه،فهو يتوقعه؟،يرجو أن يتوقف الزمن والوقت وألا تأتى الثانية التالية التي ستنطق فيها وتطلب مغادرة البيت... جاء حديثها في هدوء:ممكن أطلب منك طلب... ينبض قلبه بقوة ويصطنع رباطه الجأش وهو يجيبها:تفضلي... ترددت... ثم قالت:عاوزة فانوس فوجئ..لم يصدق أذنيه..كان ينتظر طلبا آخر بصوت آخر... في تعجب وسعادة أجاب ليتأكد مما سمع:ماذا.!! وبنفس الهدوء وبنظرة حانية معاتبة كررت:عاوزة فانوس..فانوس صغير قديم ينفع أحط فيه شمعة واحدة..وابتسمت بابتسامتها المعهودة التي يعشقها.. احتوته ابتسامتها..أسرع إليها ..قبل يديها..نسى كبرياءه..جرت كلماته دون تفكير: أنا أسف..أنا لم أقصد ما قلت..وأنا أعرف أنك عاقلة وصبورة..لن أغضبك بعد الآن..وسأحضر لكي أحلى فانوس.. أكدت وهى لازالت تبتسم: فانوس صغير قديم.. ينفع أحط فيه شمعه واحدة!
بالنسبة لي القصة عجبتنى جدا وأحب أسأل سؤال يا ريت تجاوبوني عليه يا ترى إيه توقعكم لما كان يمكن أن يحدث إذا أصرت على موقفها وتركت البيت فعلا؟؟؟
|